Saturday, March 8, 2014

من المواقف التاريخية لسلطان العلماء - العز بن عبدالسلام

هو عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن، شيخ الإسلام وبقية الأعلام، الشيخ عز الدين أبو محمد الدمشقيُّ الشافعيُّ. وُلِد بدمشق سنة 577هـ/ 1181م، ونشأ فيها.

من مواقفه التاريخية ..
عندما سقطت بغداد .. وأقترب التتار من مصر , كان سلطان العلماء يعد الجيوش ويحفزهم للجهاد ضد التتار , فجاء السلطان يطلب منه أن يصدر فتوي لجمع الضرائب من التجار لإعداد الجيش , لأن خزانة الدولة فارغه ..

فقال الشيخ : 
: إذا أحضرت ما عندك وعند حريمك، وأحضر الأمراء ما عندهم من الحلي الحرام وضربته سكة ونقدا، وفرقته في الجيش، ولم يقم بكفايتهم ذلك الوقت اطلب القرض 

فأنتصروا بإذن الله  ولم يحتاجوا
 القرض ..  


حينما تولى (الصالح إسماعيل الأيوبي) أمر دمشق - وهو أخو الصالح أيوب الذي كان حاكمًا لمصر - فتحالف مع الصليبيين لحرب أخيه نجم الدين أيوب في مصر، وكان من شروط تحالفه مع الصليبيين أن يُعطي لهم مدينتي صيدا والشقيف، وأن يسمح لهم بشراء السلاح من دمشق، وأن يخرج معهم في جيش واحد لغزو مصر. وبالطبع ثار العالم الجليل العز بن عبد السلام، ووقف يخطب على المنابر ينكر ذلك بشدة على الصالح إسماعيل، ويعلن في صراحة ووضوح أن الصالح إسماعيل لا يملك المدن الإسلامية ملكًا شخصيًّا حتى يتنازل عنها للصليبيين، كما أنه لا يجوز بيع السلاح للصليبيين، وخاصةً أن المسلمين على يقين أن الصليبيين ما يشترون السلاح إلا لضرب إخوانهم المسلمين. وهكذا قال سلطان العلماء كلمة الحق عند السلطان الجائر الصالح إسماعيل، فما كان من الصالح إسماعيل إلا أن عزله عن منصبه في القضاء، ومنعه من الخطابة، ثم أمر باعتقاله وحبسه.

ومن مواقفه الشهيرة أيضًا والتي اصطدم فيها مع الصالح أيوب نفسه، أنه لما عاش في مصر اكتشف أن الولايات العامة والإمارة والمناصب الكبرى كلها للمماليك الذين اشتراهم نجم الدين أيوب قبل ذلك؛ ولذلك فهم في حكم الرقيق والعبيد، ولا يجوز لهم الولاية على الأحرار؛ فأصدر مباشرة فتواه بعدم جواز ولايتهم لأنهم من العبيد. واشتعلت مصر بغضب الأمراء الذين يتحكمون في كل المناصب الرفيعة، حتى كان نائب السلطان مباشرة من المماليك، وجاءوا إلى الشيخ العز بن عبد السلام، وحاولوا إقناعه بالتخلي عن هذه الفتوى، ثم حاولوا تهديده، ولكنه رفض كل هذا - مع أنه قد جاء مصر بعد اضطهادٍ شديد في دمشق - وأصرَّ على كلمة الحق.

فرُفع الأمر إلى الصالح أيوب، فاستغرب من كلام الشيخ ورفضه. فهنا وجد الشيخ العز بن عبد السلام أن كلامه لا يُسمع، فخلع نفسه من منصبه في القضاء، فهو لا يرضى أن يكون صورة مفتي، وهو يعلم أن الله عز وجل سائله. وركب الشيخ العز بن عبد السلام حماره ليرحل من مصر، وخرج خلف الشيخ العالم الآلافُ من علماء مصر ومن صالحيها وتجارها ورجالها، بل خرج النساء والصبيان خلف الشيخ تأييدًا له، وإنكارًا على مخالفيه. ووصلت الأخبار إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب، فأسرع بنفسه خلف الشيخ العز بن عبد السلام واسترضاه، فقال له العزُّ: إن أردت أن يتولى هؤلاء الأمراء مناصبهم فلا بد أن يباعوا أولاً، ثم يعتقهم الذي يشتريهم، ولما كان ثمن هؤلاء الأمراء قد دفع قبل ذلك من بيت مال المسلمين، فلا بد أن يرد الثمن إلى بيت مال المسلمين. ووافق الملك الصالح أيوب، ومن يومها والشيخ العز بن عبد السلام يُعرف بـ(بائع الأمراء).

وقد وُصف الشيخ (رحمه الله) أيضًا بالزهد والورع الشديدين، كما وُصف بالبذل والسخاء والكرم والعطاء، والعطف على المحتاجين، مما يجعل من شخصيته (رحمه الله) نموذجًا رائعًا يُقتدى به في كل ميادين الحياة المختلفة

0 comments:

Post a Comment