Friday, March 28, 2014

هل يجوز الدعاء لمن مات كافراَ ؟

السؤال : هل يجوز الدعاء والإستغفار لمن مات كافراَ على غير الإسلام !؟

الجواب : 
فإذا ثبت أن شخصا ما مشرك أو يهودي أو نصراني أو غيرهم من ملل الكفر، وأنه مات على شركه وكفره من غير توبة فإنه لايجوز الترحم عليه ولاالدعاء له بعد موته ، لأن الله تعالى قد قضى عليه بالخلود في النار، والدعاء له بالرحمة طلب لتغيير قضاء الله المبرم الذي لا يغير ولا يبدل بالدعاء
قال النووي في المجموع: وأما الصلاة على الكافر، والدعاء له بالمغفرة فحرام بنص القرآن والإجماع.

حدثنا سعيد بن المسيب عن أبيه . قال : لما حضرت أبا طالب الوفاة جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجد عنده أبا جهل ، وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة فقال : أي عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله . فقالأبو جهل وعبد الله بن أبي أمية أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويعيدان بتلك المقالة ، حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم : على ملة عبد المطلب ، وأبى أن يقول : لا إله إلا الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله لأستغفرن لك ما لم أنه عنك ، فأنزل الله تعالى : ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحابالجحيم وأنزل في أبي طالب إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء 


فالله عز وجل أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعدم جواز الدعاء لعمه الذى مات كافراَ , رغم ذلك نري بعض النخب المسلمة هداهم الله يعارضون شرع الله تكبراَ ويدعون لمن مات كافراَ .. 

وهذا غير الدعاء للكافرين بالهداية حال حياتهم رغبةً في إسلامهم، فإن ذلك جائز ، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لدوس وكانوا كفاراً فقال: "اللهم اهد دوساً وائت بهم" متفق عليه. والله أعلم. 

Thursday, March 27, 2014

نادر .. كتاب احمد ديدات رجل ومهمه - Ahmed Deedat the man and his mission



كتاب نادر جداَ .. أحمد ديدات رجل ومهمه - غلام فاهيد .. Ahmed Deedat the man and his mission

الكتاب يحوي قصة حياة الشيخ أحمد ديدات , وجهودة فى الدعوة الإسلامية ..

ويحتوي على صور نادرة جداَ للشيخ احمد ديدات .

للقراءة : 
من ميديا فاير Share book - 41 MB


التحميل : 
http://www.multiupload.nl/CO_2MUXZ55N7K


للتحميل من ميديا فاير : خد اللينك كوبي واعمله باست فى صفحة جديدة

http://www.mediafire.com/download/mw59z89nws8jn2b/book_.pdf


لا تنسونا من صالح دعائكم .

صورة الشيخ احمد ديدات فى شبابه - مقتبسه من الكتاب :)

Friday, March 21, 2014

قصة هذه الصورة الغريبة للشيخ احمد ياسين


عندما سُئل الشيخ أحمد ياسين عن سر هذه الصورة العجيبة , لماذا كان يضع قدم على قدم , رغم إعاقته .

فقال : لأن من صورني إياها هو سجاني

Wednesday, March 19, 2014

كتاب " القراَن معجزة المعجزات " للشيخ احمد ديدات

كتاب : القراَن معجزة المعجزات

الكاتب : الشيخ أحمد ديدات - رحمه الله

ترجمة : علي عثمان

للتحميل :   
http://www.s3.ahmed-deedat.net/Files/Books/D002.zip

Saturday, March 15, 2014

رسالة الشيخ يوسف إستس إلى مسيحي عربي

 2011 

بقلم الداعية الأمريكي الشيخ يوسف أستس



دكتوراه باللاهوت وقس سابق(1)


مسيحي عربي كتب لي وعرض علي نوعا من الدعوة للعودة إلى المسيحية وانا لن أعيد كتابة خطابه المليء با لأخطاء اللغوية الانجليزية ولعباراته ضد الكنائس هنا في الولايات المتحدة ولكني سأعرض ردي على دعوته ( من فضلكم ادعوا من أجله ليعلم الحق)

والسلام على كل من قصد الحق

أشكرك أيها الصديق لدعوتك لي واهتمامك بإيماني و أشكرك لسؤالك لي عن الإسلام و علاقتي مع المسيح عليه السلام و اعتنائك بخلاصي ونجاتي فكل هذا موضع تقدير مني لك كما أنني أحمل نفس المشاعر تجاهك وتجاه فرصتك للنجاة والخلاص الحقيقي . وسأترك لك اتخاذ القرار لتقرر ماهو الخلاص فبعد كل شيء الإسلام يؤكد على حرية الناس في اتخاذ القرار بمحض إرادتهم ومن منطلق فكرهم.

على الرغم أنك كنت مصادرا في أحكامك و إلى حد ما عنيفا في خطابك إلا أنني سامحتك و سوف أدعوا من أجلك.

وعقب ذلك فأحب أن أعلمك أن المسلمين لا بد دائما أن يقولوا الحقيقة. و لا يسمح لنا و لا ينبغي لنا أن نخدع الآخرين باسم الدين.

وهذا يجعلني أسألك لماذا اخترت اسم بريدك الالكتروني لكي يبدو كأنك عالم من علماء المسلمين ( أنت لست بحاجة للرد على هذا السؤال الذي هو واضح جدا و هو على كل ليس من قائمة العشرين سؤال).

كما احب أن أعلمك بحقيقة أن القرآن وتعاليمه و أحاديث النبي عليه السلام وتراثه حفظوا باللغة العربية عبر 14 قرنا ،لا يوجد تراث آخر يشبه هذا و إذا كان لديك أدنى شك فانظر ببساطة لذاكرة 9 مليون شخص يحفظون هذه التعاليم معظمهم ليسوا عربا بالمناسبة.

الآن نأتي لعباراتك الاستفهامية

ليس لي أن أحكم عليك ولا على إيمانك فقط لأنك بدأت حوارك بهذا فأنا أعيد لك ذلك .وآمل أن يشرح الله صدرك وعقلك ويهديك للحق كما يهدي آلافا كل يوم. أدعو لك ولي لنكون مستحقين للهداية الربانية لنال عفوالرب الرحيم وجنته آمين.

قبل أن أتعمق في الرد عليك أحب أن أوضح لك بعض المعاني لكلمات واضحة

الإسلام هو الخضوع لله

طاعة إخلاص سلام لله عز وجل

الإسلام جاء كطريق للبشرية لتظهر إيمانها لله بالخضوع والتسليم لمشيئة الله في الأرض والسماء.

قبل كل شيء الإسلام يرتكز على كلمة الله لأن الإسلام يعتبر الخضوع و التسليم والطاعة الكاملة لله الواحد الأحد. كلمة الله لا تشير أبدا إلى أي شيء إلا لله الخالق البارىء.هو رب واحد لا شريك له هو الخالق لا مخلوق و لا جزء من مخلوق هو القوي العادل لا مثيل له المستحق للعبادة وحده. هو الأول والآخر هو الباقي هو الرحمن الرحيم الغفور الودود هو وحده الذي يهب الحياة لمن يشاء و هو وحده الذي أرسل الرسل عليهم الصلاة و السلام لإرشاد البشر وأرسل محمدا عليه الصلاة والسلام بالرسالة الخاتمة لكل البشروأرسله بالقرآن الكريم الكتاب الوحيد الذي لم يطرأ عليه أي تحريف.

هل تعلم

أن القرآن هو كلام الله. "

هل تعلم ان القرآن يوجد في قلوب كل المسلمين على وجه الأرض وأنه محفوظ 100% ليوم الدين بحفظ الله. .

هل تعلم أن فوق 9 مليون مسلم

يحفظون القرآن كله عن ظهر قلب باللغة العربية لكن وللمفاجأة فإن فوق 5 7 % منهم ليسوا عربا .

هل تعلم أن مليار و نصف مليار مسلم يحفظون على الأقل عدة سور من القرآن.

هل تعلم أن القرآن اليوم هو نفسه كما كان من 1400 سنة



صورة للداعية الأمريكي يوسف أسيتس في زيه الإسلامي


إذا كنت في الحقيقة باحثا عن الحق ستكون سعيدا بقراءة خطابي هذا والعشرين سؤال في نهاية ردي على خطابك. هذه الأسئلة التي تعاملت معها طيلة 13 سنة كنت ساعتها أعتقد أنني على الحق ولم أكن أعلم الإسلام.سيأخذ ذلك منك وقتا وصبرا كما أخذ معي عندما راجعت معتقدي ووضعي في ذلك الكون وعلاقتي بالله عز وجل وحده لا شريك له وبلا واسطة بشرية.

للإ جابة على أسئلتك بلغة واضحة وبسيطة

لا. لا أعلم أي مسلم واحد يتقبل تبديل دينه الرائع الواضح الإسلام لأي دين آخر. ولم أسمع بأي عالم مسلم ترك الإسلام للإلحاد أو دين آخر.

في الحقيقة في زيارتي لجامعة الأزهر منذ عدة سنوات رأيت بنفسي أعدادا كبيرة من علماء وقساوسة يسلمون وقد التقيت بهم وتحدثنا معهم حول ذلك ولماذا أسلموا.



اما اعتقادك الخاطيء حول علاقتي بالمسيح عليه السلام وأنني تخليت عنه فهو قول لا علاقة له بالحقيقة. فلا يوجد شك في عقلي أن المسيح عليه السلام جاء برسالة واضحة عن الخلاص والطهارة وأدى رسالته وبشر بمجيء نبي بعده يبين كل شيء للبشرية.

في الحقيقة أنت لا أنا الذي ادار ظهره للمسيح عليه السلام وتذكر دائما أنه في يوم الدين عليه السلام سيقول لكل الذين عبدوه ويدعونه ربهم أنه ما دعاهم إلا لعبادة الله ربه وربهم.

والآن سأقوم بسؤالك أسئلة قليلة إذا استطعت ان تجيب عليها بدون حرج وبالبراهين فمن فضلك أرسل لي مرة أخرى بالإجابة أما إذا وجدت نفسك لا تستطيع الرد فلا تجهد نفسك ولا ترد وسأفهم أنك قد أحبطت و أسقط في يدك.

1- هل قرأت مرة ما كتابك المقدس باللغة الأصلية التي أنزل بها؟

2- هل قرأت القرآن بلغته الأصلية التي أنزل بها؟

3-هل تعلم أي معلومات تاريخية عن قصة جمع نصوص التوراة؟

أو الكتب الأخرى؟

5- أو الأناجيل؟

6-هل قرأت الانجيل كله باللغة الانجليزية؟

7-هل تحفظ الانجيل أو أي جزء منه باللغة الأصلية التي أنزل بها؟

8-هل أنت على دراية بأوجه الشبه بين النصوص الأصلية للإنجيل والقرآن؟

9- هل أنت على دراية بالاختلافات بين نصوص الانجيل الأصلية والترجمة الانجليزية؟

10- هل تعلم أن المسلمين يعتقدون في الإنجيل المنزل من عند الله ويؤمنون بتعاليمه؟

11- هل تعلم أن المسلمين ينزهون الله عن كل نقص وشبيه بينما المسيحيون لا؟

12- المسلمون لا بد أن يقولوا الحق خاصة إذا تعلق الأمر بالله وأوامره وأنبيائه عليهم السلام؟

13- هل تريد أن تحقق إرادة الله في الأرض؟

14- هل سألت الله مرة ليساعدك لتحقق مشيئته لا مشيئة البشر؟

15- هل تحب الرب أم تحب ما خلقه الرب بدلا من ذلك؟

16-هل أنت على دراية بالوثائق التي كتبها سفراء ورهبان وقساوسة وراهبات وحتى مطارنة عن كيف أصبحوا على علم و فهم أفضل لتعاليم المسيح عليه السلام عندما درسوا القرآن بالعربية؟

17- هل أنت على دراية بأن أعدادا كبيرة من اللادينيين أصبحوا مؤمنين بالله الحق عندما درسوا القرآن؟

18- هل أنت على دراية بأن المدارس الثانوية تعلم أن بولس كان لديه معتقده الخاص الذي لا يماثل الانجيل ويعرف بتعاليم بولس؟

19- هل أنت على دراية بأن ما فوق 9 مليون يحيون الآن على الأرض يحفظون القرآن كاملا عن ظهر قلب ؟

20- هل أنت على علم بآيات الاعجاز العلمي في القرآن الكريم والتي هي مذكورة منذ 1400 سنة؟

سنكون سعداء أن ننشر ردك على موقعنا الالكتروني ونقدم لك فرصا لترى الحقيقة في هذه الحياة ولماذا خلقنا مفترضين بالطبع أنك ستجيب اجابات منطقية مدعمة بالبراهين.

شكرا لك مرة أخ
رى عسى الله أن يهديك كما هداني وهدى آلافا آخرين آمين.

Friday, March 14, 2014

قصة مالك بن دينار وبائع التين


مر - مالك بن دينار - يوماً فى السوق فرأى بائع تين ، فإشتاقت نفسه للتين ولم يكن يملك ثمنه فطلب إلى البائع أن يؤخره ( يدفع فى وقت آخر ) ، فرفض البائع . . !
فعرض مالك على البائع أن يرهن عنده حذائه مقابل هذا التين ، فرفض ثانية فإنصرف مالك وأقبل الناس على البائع بعدها وأخبروه عن هوية المشترى فلما علم البائع أنه - مالك بن دينار - أرسل البائع بغلامه بعربة التين كلها لمالك بن دينار . . !

وقال البائع لغلامه :
إن قبلها منك فأنت " حُـرٌ " لوجه الله ، وذهب الغلام إلى مالك ، ووضع الغلام فى باله أن يبذل قصارى جهده من أجل إقناع مالك أن يأخذ عربة التين كلها حتى ينال حريته . . !

فإذا بمالك يقول له :
اذهب إلى سيدك وقل له : إن مالك بن دينار لا يأكل التين بالدين وإن مالك بن دينار حرم على نفسه أكل التين إلى يوم الدين . . !

فقال الغلام : يا سيدى خذها فإن فيها عتقى . . !

قال مالك : إن كان فيها عتقك ،، فإن فيها رقى ( عبوديتى ) !!

رأى مالك أن شهوته أذلته وأن بطنه أهانته فأدب نفسه وحرم عليها أكل التين
تهذيباً لها . . !

فكيف لا نعزم هذه العزمة ونحن إستزلنا الشيطان وأخضعتنا الشهوات وسقطنا فى بئر المعاصى !؟

كيف يهون علينا أن نرى أنفسنا ذليلة مهينة دون أن نمد لها يد المساعدة ؟!!

كتاب " الأختيار بين الإسلام والمسيحية " للشيخ أحمد ديدات

كتاب : الأختيار بين الإسلام والمسيحية

الكاتب : الشيخ أحمد ديدات - رحمه الله
الكتاب مترجم بواسطة: أكرم ياسين الشريف يتكون الكتاب من أربعة أجزاء:ماذا قال الكتاب المقدس عن محمد صلى الله عليه وسلم الخليفة الحق لعيسى عليه السلام محمد صلى الله عليه وسلم الأعظم والقرآن معجزة المعجزات

للتحميل  
http://www.a1.jesus-is-muslim.com/Files/Books/choice_ar.zip


الشيخ جاد الحق علي جاد الحق - شيخ الأزهر الثائر .

الرجال مواقف وفضيلة الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق - شيخ الأزهر الراحل - هو رجل المواقف العظام والشامخة والخالدة, دفاعا عن دينه وقضايا أمته ودفاعا عن الإسلام والمسلمين المستضعفين في شتي بقاع العالم.
وسيذكر التاريخ بأحرف من نور مواقف الإمام الراحل الشامخة دفاعا عن الإسلام مسجلا للأجيال القادمة شموخ هذا الرجل الذي جسد للبشرية جمعاء الدور الريادي للأزهر الشريف بعد أن أعاد الإمام الراحل للأزهر مرجعيته وقدسيته لا يخشي في ذلك لومة لائم, فقد كان (رحمه الله) مدافعا صلدا عن قضايا أمته حاملا همومها وغارق ا بمشكلاتها حتي لقي الله ومشاكل الأمة في صدره, وبعد أن أعاد للأزهر نهضته العلمية والفكرية, فانتشرت المعاهد الأزهرية في جميع قري ومدن مصر والكثير من البلدان الإسلامية.
نبذة عن حياته
ولد الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق يوم الخميس 31 من جمادي الآخرة عام 1335 الموافق الخامس من نيسان/ أبريل عام 1917 ببلدة بطرة مركز طلخا بمحافظة الدقهلية, ونشأ الإمام الراحل نشأة دينية خالصة في أسرة كريمة, حيث كان والده رجلا صالحا معروفا بالأمانة وحملها, فكان أهالي القرية يودعون لديه أشياءهم الثمينة, خوفا عليها من الضياع, وقد أثرت هذه النشأة الصالحة علي الإمام الراحل, حيث حفظ القرآن الكريم, وأجاد القراءة والكتابة في سن مبكرة جدا في كتاب القرية علي يد شيخها الراحل سيد البهنساوي, ثم التحق فضيلته بالتعليم الإعدادي بالمعهد الأزهري الأحمدي بمدينة طنطا عام 1930, حيث حصل علي الابتدائية الأزهرية عام 1934 والثانوية الأزهرية عام 1939م.
ثم التحق بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر, وحصل منها علي الشهادة العالمية عام 1934, ثم حصل علي الإجازة في القضاء الشرعي عام 1954, وقد عين الشيخ جاد الحق فور تخرجه موظفا قضائيا بالمحاكم الشرعية في كانون الثاني / يناير 1964, ثم أمينا للفتوي بدار الإفتاء عام 1953 فقاضيا بالمحاكم الشرعية عام 1954, وفي عام 1956 عين قاضيا بالمحاكم بعد إلغاء ثورة تموز/ يوليو للمحاكم الشرعية, ثم رئيسا للمحكمة عام 1971م .
وفي آب/ أغسطس 1978م عين فضيلته مفتيا للديار المصرية, وبعدها بعامين اختير عضو ا بمجمع البحوث الإسلامية, وفي الرابع من كانون ثان/ يناير عام 1982م عين فضيلته وزير ا للأوقاف المصرية وبعدها بشهرين, وفي شهر آذار/ مارس عام 1982م عين شيخا للأزهر ليصبح الإمام الثاني والأربعين للأزهر, وفي أيلول/ سبتمبر عام 1988م تم اختيار فضيلته رئيسا للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة.
مواقف جريئة وخالدة
كان لفضيلة الإمام الراحل الشيخ جاد الحق مواقف جريئة وشجاعة وصريحة في الكثير من القضايا والمشكلات المحلية والدولية تمسك فيها بموقف الإسلام, انطلاقا من رسالته الكبري كشيخ للأزهر وإمام للمسلمين.
1 - نصير الأقليات المسلمة:
كان شيخ الأزهر الراحل نصيرا للأقليات المسلمة المستضعفة في العالم, وكان في حواراته الصحفية وبياناته المتكررة في كل المناسبات الدينية ينبه إلي خطورة التحديات التي تواجه الأقليات المسلمة في العالم, ومما قال فضيلته: (إن الأقليات الإسلامية تتعرض لمحن قاتلة فهي مستضعفة في أوطانها مطرودة من ديارها ومساجدها ومدارسها مهددة بالتدمير, كما يحدث في الهند وكشمير وبورما, وبعض دول أوروبا دون ردع أو حماية من حكومات تلك البلاد, وكأن هؤلاء (الأقليات المسلمة) ليسوا من المواطنين لهم حقوق علي تلك الحكومات).
وكان فضيلته يؤكد دائما أن الأخوة الإسلامية تقتضي مؤازرة هؤلاء المستضعفين, والسعي لحماية حقوقهم, والحفاظ علي حياتهم وأموالهم في وقت تتنادي فيه الدول والشعوب بالمساواة, وتتواصي بحقوق الإنسان وبحرمة العقائد والأديان.
وكان الإمام الراحل يولي اهتماما بالغا بقضايا الأقليات المسلمة في العالم, ويطالب بوقف عمليات الاضطهاد التي يتعرضون لها, وكان له مواقف عظيمة وجريئة وشجاعة في عدد من الحالات التي تعرض فيها المسلمون للعدوان علي أرضهم وأرواحهم وعقائدهم, وأشهر هذه المواقف موقفه من العدوان الصربي علي المسلمين في البوسنة والهرسك.
فكان شيخ الأزهر الراحل عندما نشبت حرب إبادة المسلمين في البوسنة أول من أعلن أن حرب الإبادة صليبية في المقام الأول وهدفها إبادة المسلمين في البوسنة.
وكان أول من دعا لعقد مؤتمر إسلامي في الجامع الأزهر عقب صلاة الجمعة لمناصرة شعب البوسنة والهرسك, وحضره عشرات الآلاف من المصلين, ودعا فيه إلي إقامة صلاة الغائب علي شهداء المسلمين في البوسنة, وأعلن (رحمه الله) أن مسلمي البوسنة والهرسك لا يحتاجون إلي مجاهدين بقدر حاجتهم إلي المال والسلاح, ودعا المصلين والمسلمين في شتي بقاع العالم للتبرع بالمال في سبيل الله ومناصرة شعب البوسنة.
ونجح الإمام الراحل من خلال منصبه كرئيس للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة وتأييده التام لحملة لجنة الإغاثة الإنسانية بنقابة الأطباء بمصر في أن يجمع ملايين الدولارات تم إرسالها للمجاهدين في البوسنة.
كما أوفد فضيلته وفد ا من علماء الأزهر الشريف برئاسة الشيخ جمال قطب - عضو البرلمان المصري وقتئذ - إلي البوسنة ليستقصي أحوال المسلمين هناك, ويحث المجاهدين من شعب البوسنة علي مواصلة الجهاد وعدم التنازل عن شبر واحد من أراضيهم.
كما أجري العديد من الاتصالات مع المنظمات الدولية, ووجه سلسلة من النداءات الدولية لإنقاذ مسلمي البوسنة, وكان لفضيلته موقف شجاع في مناصرة المجاهدين في الشيشان, وقدم لهم كل الدعم المالي والمعنوي, وعندما نشبت حرب الشيشان بين الروس والشعب الشيشاني أصدر فضيلته بيانا حول تلك الحرب, حيث أكد أنه لولا تمسك شعب الشيشان بإسلامهم ما حاربهم الدب الروسي.
وقد قدم الإمام الراحل العديد من المنح الدراسية المجانية لأبناء البلدان الإسلامية المستضعفة حتي يعودا لأوطانهم دعاة للإسلام, وذلك من خلال الدراسة في الأزهر الشريف.
2 - قضية القدس:
كانت قضية القدس تشغل حيز ا كبير ا من عقل وقلب الإمام الراحل, وكان يذكر بها في كل المواقف والمناسبات مؤكد ا علي أن القدس ستظل عربية إسلامية إلي قيام الساعة رغم أنف الإسرائيليين.
وعندما قرر الكونجرس الأمريكي نقل السفارة الأمريكية إلى القدس أصدر الإمام الراحل بيانا صريحا وواضحا أدان فيه العدوان الصهيوني المستمر علي القدس, وأدان فيه القرار الأمريكي, وقال: (إن أمريكا تزعم أنها صديقة كل العرب, وهي أصدق في صداقتها بإسرائيل تؤيدها وتدفعها لمزيد من العدوان علي العرب وحقوقهم, وتساعدها في وضع العراقيل نحو إتمام عملية السلام التي تتظاهر بدعمها, لكنه دعم غير عادل فهو دعم للمعتدين الظالمين واستهانة وهدم لقرارات منظمة الأمم المتحدة.
إن الأزهر الشريف يرفض هذا القرار الظالم من أمريكا, التي تسعي في إتمام عملية السلام, ولكن هذا القرار أكد أن دعاة السلام صاروا دعاة للغدر والاغتيال للأرض والعرض والمقدسات لا يرعون حقا للغير, ولا يدعون إلي خير, وإنما يسعون في الأرض فساد ا .
ورفض الإمام الراحل سياسة التطبيع مع إسرائيل ما استمرت في اغتصابها للأرض العربية, وكان مما قاله: (لا سلام مع المغتصبين اليهود, ولا سلام إلا بتحرير الأرض العربية), ورفض فضيلته زيارة المسلمين للقدس بعدما أفتي بعض العلماء بجواز ذلك بعد عقد اتفاقية أوسلو عام 1993م بين السلطة الفلسطينية بقيادة عرفات والحكومة الصهيونية بقيادة إسحاق رابين, وأعلنها الإمام الراحل بعزة المؤمن الذي لا يخشي إلا الله.
(إن من يذهب إلي القدس من المسلمين آثم آثم.. والأولي بالمسلمين أن ينأوا عن التوجه إلي القدس حتي تتطهر من دنس المغتصبين اليهود, وتعود إلي أهلها مطمئنة يرتفع فيها ذكر الله والنداء إلي الصلوات, وعلي كل مسلم أن يعمل بكل جهده من أجل تحرير القدس ومسجدها الأسير).
وعلي أثر هذا النداء القوي من الإمام الراحل دعا البابا شنودة بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية في مصر هو الآخر المسيحيين لعدم زيارة القدس.
وكان للإمام الراحل موقف واضح وقوي من رفض التطبيع فقد رفض أن يستقبل الرئيس الإسرائيلي عيزرا وايزمان إبان زيارته للقاهرة, وبعد عقد اتفاقية أوسلو عام 1993, مما سبب حرجا شديدا للحكومة المصرية وللرئيس الصهيوني.
وكان لفضيلته مواقف شجاعة في التصدي للممارسات الإسرائيلية الإجرامية ضد الشعب الفلسطيني, فأدان فضيلته الحادث الإجرامي البشع الذي قام به يهودي متطرف عندما قتل عشرات المصلين الفلسطينيين في شهر رمضان داخل الحرم الإبراهيمي عام 1994م, وقد سبق وأيد الإمام الراحل الانتفاضة الفلسطينية المباركة, والعمليات الاستشهادية للمجاهدين الفلسطينيين, مؤكد ا علي أن تحرير القدس لن يتم إلا بالجهاد والاستشهاد في سبيل الله.
ورفض الإمام الراحل ما تردد عن حصول إسرائيل علي مياه النيل من خلال مشروع ترعة السلام, وقال مقولته الشهيرة: ؛إن حصول إسرائيل علي مياه النيل أصعب من امتلاكها سطح القمر .
وعن الأسري المصريين الذين قتلتهم إسرائيل عمد ا إبان حرب حزيران/ يونيو 1967 وأثارتها الصحافة المصرية, قال فضيلته: (القتل العمد ضد أسرانا يستحق القصاص).
3 - تمسك بحكم الإسلام في مؤتمر السكان:
يعتبر موقف الإمام الرحل من المؤتمر الدولي للسكان والتنمية, الذي عقد في القاهرة عام 1994 من المواقف الخالدة والشجاعة لفضيلته (رحمه الله) أعاد فيه للأزهر مكانته ومقامه الرفيع من القضايا الدولية باعتباره حامي حمي الإسلام والمدافع عنه ضد محاولات التغريب.
فقد أريد من قاهرة الأزهر أن تصدر قرارات تناقض تعاليم الإسلام والأديان السماوية, وتعتدي علي عفاف البشر وكرامة الإنسان, فقد تناقلت وسائل الإعلام المختلفة ونشرت الصحف العالمية قبيل انعقاد المؤتمر وثيقة المؤتمر, والتي تتضمن إباحة الشذوذ الجنسي بين الرجل والرجل وبين المرأة والمرأة, وإباحة الزنا, وحمل الصغيرات العذارى والحفاظ علي حملهن وإباحة إجهاض الزوجات الشرعيات الحرائر.
وفور علم الإمام الراحل بخطوط تلك المؤامرة الخبيثة أمر فضيلته العلماء والمختصين داخل الأزهر الشريف وخارجه بقراءة الوثيقة جيد ا, ودراسة ما فيها وتقديم تقارير عنها, ثم اجتمع فضيلته بمجمع البحوث الإسلامية عندما تأكد من صدق ما تناقلته وسائل الإعلام حول وثيقة المؤتمر لمناقشة وثيقة المؤتمر, وأصدر بيانا شديد اللهجة والصراحة يرفض وثيقة المؤتمر; لأنها تخالف شريعة الإسلام, وأكد البيان أن الإسلام لا يقر أي علاقة جنسية بغير طريق الزواج الشرعي الذي يقوم بين الرجل والمرأة, كما يحرم الإسلام الزنا واللواط والشذوذ, ويحرم إجهاض الجنين ولو عن طريق الزنا.
وأهاب البيان بالأمة الإسلامية عدم الالتزام بأي بند أو فقرة تخالف شريعة الله.
وقد كان لبيان مجمع البحوث الإسلامية برئاسة الإمام الراحل فعل الزلزال القوي الذي أجهض المؤامرة الغربية التي تستهدف تحطيم الأخلاق الإسلامية الراسخة والتردي في هوة الفساد الجنسي, وقد سارعت الحكومة المصرية والقيادة السياسية المصرية بتبني بيان شيخ الأزهر, وأصدر الرئيس المصري حسني مبارك بيانه الذي أكد فيه أن مصر المسلمة لن تسمح للمؤتمر بأن يصدر أي قرار يصطدم مع ديننا وقيمنا, وخرج المتآمرون من قاهرة الأزهر يجرون أذيال الخيبة والفشل الذي لاحقهم في المؤتمر التالي, الذي عقد في مدينة بكين بالصين, وكان الفضل في ذلك لعزم وصلابة الإمام الراحل الشيخ جاد الحق الذي رفض وثيقة مؤتمر بكين مؤكدا أن هدف واضعي الوثيقة هو تدارك ما فاتهم في مؤتمر القاهرة.
وعندما ظهرت علي التو أول نتائج مؤتمر السكان في مصر بقيام وزير الصحة المصري بمنع ختان الإناث وتجريمه اتخذ الإمام الراحل قرارا جريئا بإعلانه بعد دراسة مستفيضة أن ختان الإناث من شعائر الإسلام ولا يجوز لأحد أن يمنعه, وتمسك الإمام الراحل بموقفه, بالرغم من الدعوي القضائية التي رفعتها ضده المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بمصر لإصداره فتوي تبيح ختان الإناث.
كما تصدي الإمام الراحل لقرار وزير التعليم المصري بمنع الحجاب في المدارس المصرية والابتدائية وضرورة موافقة ولي أمر الطالبة في المرحلة الإعدادية والثانوية علي ارتداء ابنته الحجاب, وأصدرت لجنة الفتوي بالأزهر برئاسة الإمام الراحل بيان ا أعلنت فيه أن القرار الوزاري يخالف الشريعة الإسلامية ونصوص الدستور, واستند المحامين المصريين لهذه الفتوي عند التقاضي أمام المحاكم ضد وزير التعليم المصري حتي تم إلغاء هذا القرار, وعاد الوزير إلي رشده بعد حكم القضاء بإلغاء هذا القرار.
4 - نهضة الأزهر:
شهد الأزهر الشريف في عهد الإمام الراحل نهضة كبيرة لم يشهدها في عهد من قبله.. فقد انتشرت المعاهد الأزهرية في كل قري ومدن مصر, كما لم تنتشر من قبل, فحين تولي الإمام الراحل مشيخة الأزهر عام 1982م كان عدد المعاهد الأزهرية لا يزيد عن ستمائة معهد, وبلغت عدد تلك المعاهد في عهده ستة آلاف معهد وبضع مئات, فقد زرع الإمام الراحل المعاهد الأزهرية في قري مصر, كما تزرع النخيل في الصحراء.
ولم يقف جهد الإمام الراحل علي نشر المعاهد الأزهرية في مصر, بل حرص علي انتشارها في شتي بقاع العالم الإسلامي, فأنشأ معاهد أزهرية تخضع لإشراف الأزهر في تنزانيا وكينيا والصومال وجنوب أفريقيا وتشاد ونيجيريا والمالاديف وجزر القمر.. وغيرها من البلدان الإسلامية.
كما فتح الإمام الراحل باب الأزهر واسعا أمام الطلاب الوافدين من الوطن الإسلامي وخارجه, وزاد من المنح الدراسية لهم حتي يعودوا لأوطانهم دعاة للإسلام.
ونجح الإمام الراحل في فتح فروع لجامعة الأزهر في جميع أنحاء مصر وعقدت الجامعة في عهده لأول مرة مؤتمرات دولية في قضايا طبية وزراعية وثقافية مهمة تحدد رأي الأزهر والإسلام فيها.
وعندما أصيبت مصر بزلزال تشرين أول/ أكتوبر عام 1992م وتهدم أكثر من 1500 معهد وتخلت الدولة عن تقديم الأموال الكافية لترميم تلك المعاهد, بينما أنفقت مليارات الجنيهات علي إنشاء مدارس حكومية عامة لم ييأس الإمام الراحل, وأخذ يجوب قري ومدن ونجوع مصر لحث رجال الخير والمحسنين علي التبرع بالمال لترميم تلك المعاهد وبناء معاهد جديدة.
وكان الإمام الراحل حريصا علي الدفاع عن علماء الأزهر الشريف, وإبراز الوجه المشرق لهم, انطلاقا من إيمانه الكامل بعظمة الرسالة التي يقومون بها, ورفض وصف هؤلاء العلماء بأنهم علماء سلطة, وأكد أن علماء الأزهر يجهرون بما يرونه حقا وعدلا في كل المواقف والأزمات وتاريخ علمائه وشيوخه حافل بما يؤكد ذلك, ورد علي من اتهم الأزهر وعلماءه بالتقصير في مواجهة الإرهاب والتطرف بقوله: مكنوا علماء الأزهر من منابر المساجد عندها لن يجرؤ أمير أو غفير, أو أي مدع علي الإسلام أن يعلو المنبر عندها لن يسمع عامة الناس وصفوتهم للجهلاء أن يخطبوا فيهم ويعلموهم.
ودعا الإمام الراحل بضرورة قيام علماء الأزهر الشريف بمحاورة الشباب المتطرف الذي يفهم الإسلام فهما خاطئا.
وكان آخر قرارات الإمام الراحل لنهضة الأزهر وإبراز دوره في نشر رسالة الإسلام هو تحويل الأزهر الشريف إلي مدرسة مسائية للرجال والنساء ولنشر الثقافة الإسلامية الرفيعة, ولتوضيح حقائق الدين السمحة البعيدة عن التعصب والتشرذم والداعية للحب والسلام علي شكل مركز مفتوح للدراسات الإسلامية, ويتم فيها تدريس جميع فروع العلوم الإسلامية.
مؤلفاته.. وتراثه الفكري
لفضيلة الشيخ الجليل جاد الحق (رحمه الله) العديد من المؤلفات النفسية, وهي تناهز خمسة وعشرين مؤلفا تتنوع موضوعاتها بين الكتب والرسائل الفقهية في موضوعات إسلامية وبحوث وفتاوي شرعية في قضايا معاصرة, ومن أشهر هذه المؤلفات:
1 - كتاب مع القرآن الكريم.
2 - كتاب النب صلى الله عليه وسلم ي في القرآن.
3 - كتاب الفقه الإسلامي : مرونته وتطوره.
4 - كتاب أحكام الشريعة الإسلامية في مسائل طبية عن الأمراض النسائية.
5 - كتاب بيان للناس.
6 - رسالة في الاجتهاد وشروطه ونطاقه والتقليد والتخريج.
7 - رسالة في القضاء في الإسلام.
وهاتان الرسالتان تدرسان بالمعهد العالي للدراسات الإسلامية بالقاهرة ومركز الدراسات القضائية بوزارة العدل.
8 - وصدر لفضيلته من خلال الأزهر الشريف خمسة أجزاء (مجلدات) من فتاويه جمعت في حياته بعنوان: بحوث وفتاوي إسلامية في قضايا معاصرة.
وقد أعدها الشيخ جاد الحق في 11 جزء ا , ولم يصدر منها سوي خمسة أجزاء فقط, وامتنع الأزهر بعد وفاة الشيخ الراحل عن إصدار وطبع الباقي.
9 - وللشيخ الراحل العديد من الأبحاث المستفيضة, التي تتناول قضايا الشباب والنشء والتربية الدينية, والتي قدمت للجهات المعنية بذلك منها بحثه عن الطفولة في ظل الشريعة الإسلامية, والذي أصدره مجمع البحوث الإسلامية في أيلول/ سبتمبر 5991م هدية مع مجلة الأزهر.
وفاته
توفي الإمام الراحل قبيل فجر الجمعة 25 من شوال 1461- بعد أن فرغ فضيلته من مراجعة أوراق الأزهر وبريد الجهات الرسمية الأزهرية والبريد الوارد لمكتبه من كافة أنحاء العالم..
مات (رحمه الله) ومشاكل الأمة في صدره وأوراق الأزهر في يده يقلب فيها, ومات متوضئا وهو يشرع لأداء الصلاة في الساعة الواحدة والنصف من صباح يوم الجمعة, حيث شعر بدوار مفاجئ فجلس علي سريره ليستريح, ولكنه فارق الحياة بعد لحظات, وكانت وصيته أن يدفن بجوار مسجده الذي بناه في قريته بطرة, وأن يشهد غسله ويؤم صلاة الجنازة عليه الشيخ محمد متولي الشعراوي, وتم تنفيذ وصية الإمام الراحل, حيث صلي الجنازة عليه الشيخ الشعراوي الذي نعاه بقوله: لقد تعلمنا منه ألا نعصرن الدين, بل ندين العصر ، فعصرنة الدين تعني أنه غير كامل حاشا لله.
رحم الله الإمام الراحل صاحب المواقف العظام دفاعا عن الإسلام, والذي حافظ علي مرجعية وقدسية الأزهر الشريف ليظل نبراسا لصحيح الدين تتجه إليه عقول العلماء والمفكرين وأفئدة جميع المسلمين.
رحم الله عالمنا الكبير وجزاه عن الأزهر ومصر والإسلام خير ما يجزي العلماء العاملين والرجال الصالحين المخلصين

المصدر : إسلام ويب

Saturday, March 8, 2014

من المواقف التاريخية لسلطان العلماء - العز بن عبدالسلام

هو عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن، شيخ الإسلام وبقية الأعلام، الشيخ عز الدين أبو محمد الدمشقيُّ الشافعيُّ. وُلِد بدمشق سنة 577هـ/ 1181م، ونشأ فيها.

من مواقفه التاريخية ..
عندما سقطت بغداد .. وأقترب التتار من مصر , كان سلطان العلماء يعد الجيوش ويحفزهم للجهاد ضد التتار , فجاء السلطان يطلب منه أن يصدر فتوي لجمع الضرائب من التجار لإعداد الجيش , لأن خزانة الدولة فارغه ..

فقال الشيخ : 
: إذا أحضرت ما عندك وعند حريمك، وأحضر الأمراء ما عندهم من الحلي الحرام وضربته سكة ونقدا، وفرقته في الجيش، ولم يقم بكفايتهم ذلك الوقت اطلب القرض 

فأنتصروا بإذن الله  ولم يحتاجوا
 القرض ..  


حينما تولى (الصالح إسماعيل الأيوبي) أمر دمشق - وهو أخو الصالح أيوب الذي كان حاكمًا لمصر - فتحالف مع الصليبيين لحرب أخيه نجم الدين أيوب في مصر، وكان من شروط تحالفه مع الصليبيين أن يُعطي لهم مدينتي صيدا والشقيف، وأن يسمح لهم بشراء السلاح من دمشق، وأن يخرج معهم في جيش واحد لغزو مصر. وبالطبع ثار العالم الجليل العز بن عبد السلام، ووقف يخطب على المنابر ينكر ذلك بشدة على الصالح إسماعيل، ويعلن في صراحة ووضوح أن الصالح إسماعيل لا يملك المدن الإسلامية ملكًا شخصيًّا حتى يتنازل عنها للصليبيين، كما أنه لا يجوز بيع السلاح للصليبيين، وخاصةً أن المسلمين على يقين أن الصليبيين ما يشترون السلاح إلا لضرب إخوانهم المسلمين. وهكذا قال سلطان العلماء كلمة الحق عند السلطان الجائر الصالح إسماعيل، فما كان من الصالح إسماعيل إلا أن عزله عن منصبه في القضاء، ومنعه من الخطابة، ثم أمر باعتقاله وحبسه.

ومن مواقفه الشهيرة أيضًا والتي اصطدم فيها مع الصالح أيوب نفسه، أنه لما عاش في مصر اكتشف أن الولايات العامة والإمارة والمناصب الكبرى كلها للمماليك الذين اشتراهم نجم الدين أيوب قبل ذلك؛ ولذلك فهم في حكم الرقيق والعبيد، ولا يجوز لهم الولاية على الأحرار؛ فأصدر مباشرة فتواه بعدم جواز ولايتهم لأنهم من العبيد. واشتعلت مصر بغضب الأمراء الذين يتحكمون في كل المناصب الرفيعة، حتى كان نائب السلطان مباشرة من المماليك، وجاءوا إلى الشيخ العز بن عبد السلام، وحاولوا إقناعه بالتخلي عن هذه الفتوى، ثم حاولوا تهديده، ولكنه رفض كل هذا - مع أنه قد جاء مصر بعد اضطهادٍ شديد في دمشق - وأصرَّ على كلمة الحق.

فرُفع الأمر إلى الصالح أيوب، فاستغرب من كلام الشيخ ورفضه. فهنا وجد الشيخ العز بن عبد السلام أن كلامه لا يُسمع، فخلع نفسه من منصبه في القضاء، فهو لا يرضى أن يكون صورة مفتي، وهو يعلم أن الله عز وجل سائله. وركب الشيخ العز بن عبد السلام حماره ليرحل من مصر، وخرج خلف الشيخ العالم الآلافُ من علماء مصر ومن صالحيها وتجارها ورجالها، بل خرج النساء والصبيان خلف الشيخ تأييدًا له، وإنكارًا على مخالفيه. ووصلت الأخبار إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب، فأسرع بنفسه خلف الشيخ العز بن عبد السلام واسترضاه، فقال له العزُّ: إن أردت أن يتولى هؤلاء الأمراء مناصبهم فلا بد أن يباعوا أولاً، ثم يعتقهم الذي يشتريهم، ولما كان ثمن هؤلاء الأمراء قد دفع قبل ذلك من بيت مال المسلمين، فلا بد أن يرد الثمن إلى بيت مال المسلمين. ووافق الملك الصالح أيوب، ومن يومها والشيخ العز بن عبد السلام يُعرف بـ(بائع الأمراء).

وقد وُصف الشيخ (رحمه الله) أيضًا بالزهد والورع الشديدين، كما وُصف بالبذل والسخاء والكرم والعطاء، والعطف على المحتاجين، مما يجعل من شخصيته (رحمه الله) نموذجًا رائعًا يُقتدى به في كل ميادين الحياة المختلفة

Tuesday, March 4, 2014

هل نحترم الديانات الأخري ؟ - تعلم الإسلام

من الأخطاء الشائعة  القول " بإننا نحترم كل الأديان " .. وهذا قول خطأ ولا يصح ..

ليه !؟

لأننا نري إن باقى الأديان كُفر بالله , فمن يلحد , ومن يعبد بشر , ومن يعبد البقر ..

فـ مثلاَ : الهندوس يقدسون البقر , وهناك فى أفريقيا من يقدس فروج النساء !؟ .. أتحترم هذه الأديان !؟

فـ مثلا : النصاري يؤمنون إن الله أنجب ولد مثل النساء التى تلد , ثم تجسد فى صورة المسيح , وعاش كأى بشر فى طفولته يلهوا ويلعب ويرضع من ثدي أمه , والله عاش مثلنا يأكل ويشرب وينام ويتعب ويتبول .. ثم عُلق على خشبه وبُثق عليه وضُرب على الصليب حتى الموت

اتحترم هذا الدين الذي يهين الله تعالي ؟

فى صحيح البخارى فى الحديث القدسي قال الله عز وجل ( يشتمني أبن ادم ولم يكن له ذلك , شتمه إياي فإنه يقول أنني اتخذت صاحبة وولدا ، وأنا الله لم أتخذ صاحبة وولدا )

ربنا سمي عقيدة النصاري شتيمة وإهانه له عز وجل ..


امال أحنا إيه ؟

نحن نحترم حقوق البشر فى إتباع أى دين يؤمنون به , فمن يريد ان يؤمن فليؤمن , من يريد ان يكفر فيكفر .. لكننا نؤمن ان اتباع الديانات الاخري كافرين بالإسلام , ولو ماتوا على كفرهم فمصيرهم النار ..

وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا

وكل أصحاب الديانات الأخري يرون نفسهم على الحق ويكفرون المسلمين ويظنون إننا على الباطل , ولا نري عيباَ فى ذلك .. فكل من يتبع دين يظن نفسه على الحق

ونذكر حادثة من أيام النبي صلى الله عليه وسلم , جاء كفر قريش إلي النبى , يعرضون عليه ( يا محمد نعبد الله معك , وتعبد الاصنام معي )

فجاء الرد الإلهي ؟

أولاَ ( قل يا أيها الكافرون ) .. اول كلمات الرد فى السورة كان بتكفير دينهم , لم يقل النبي أحترم دينكم عبادة الاصنام والكفر بالله ..

لكن الرد الإلهى جاء بوصف الحقيقة دون مداهنه ونفاق .. ثم فى نهاية السورة ( لكم دينكم ولي دين ) .. اى لكم دينكم الباطل ولي ديني الحق


وللأسف أغلب المسلمين يستدلوا باَيه ( لكم دينكم ولي دين ) وهي اَيه نزلت فى البراء من الكفر , المسلمون يستخدموها فى الولاء للكافرين .. وهذا يدل على شدة الجهل الذي نعيش فيه

Monday, March 3, 2014

تعرف علي - عثمان بن أرطغرل - مؤسس الخلافة العثمانية

السلطان عثمان بن أرطغرل أو (عثمان الأول) بن سليمان شاه (656 هـ/1258م - 1326م) مؤسس الدولة العثمانية وأول سلاطينها وإليه تنسب. شهدت سنة مولده غزو المغول ـ بقيادة هولاكو ـ لبغداد وسقوط الخلافة العباسية.

تولى الحكم عام 687 هـ / ( 1299 - 1324 ) بعد وفاة أبيه أرطغرل بتأييد من الأمير علاء الدين السلجوقي. قام الأمير السلجوقي بمنحه أي أراض يقوم بفتحها وسمح له بضرب العملة.

أعماله:لقد تعاقب على إمارة السلطنة العثمانية قبل أن تعلن نفسها خلافة إسلامية سلاطين أقوياء، ويعتبر عثمان بن أرطغرل هو مؤسس الدولة وبانيها، فماذا صنع عثمان:
لقد بدأ عثمان يوسع إمارته فتمكن أن يضم إليه عام 688 قلعة قره حصا (القلعة السوداء) أو أفيون قره حصار، فسر الملك علاء الدين بهذا كثيراً. فمنحه لقب (بيك). والأراضي التي يضمها إليه كافة، وسمح له بضرب العملة، وأن يذكر اسمه في خطبة الجمعة.

وفي عام 699 أغارت المغول على إمارة علاء الدين ففر من وجههم، والتجأ إلى إمبراطور بيزنطية، وتوفي هناك في العام نفسه، وإن قيل أن المغول قد تمكنوا من قتله، وتوليه ابنه غياث الدين مكانه، ثم إن المغول قد قتلوا غياث الدين، ففسح المجال لعثمان إذ لم تعد هناك سلطة أعلى منه توجهه أو يرجع إليها في المهمات، فبدأ يتوسع، وإن عجز عن فتح أزميد (أزميت)، وأزنيق (نيقية) رغم محاصرتهما، واتخذ مدينة (يني شهر) أي المدينة الجديدة قاعدة له، ولقب نفسه باديشاه آل عثمان.

واتخذ راية له، وهي علم تركيا اليوم، ودعا أمراء الروم في آسيا الصغرى إلى الإسلام، فإن أبوا فعليهم أن يدفعوا الجزية، فإن رفضوا فالحرب هي التي تحكم بينه وبينهم، فخشوا على أملاكهم منه، فاستعانوا بالمغول عليه، وطلبوا منهم أن ينجدوهم ضده، غير أن عثمان قد جهز جيش بإمرة ابنه أورخان الذي قارب الثلاثين من العمر، وسيره لقتال المغول فشتت شملهم.

ثم عاد واتجه إلى بورصة (بروسة) فاستطاع أن يدخلها عام 717 وتعد من الحصون الرومية المهمة في آسيا الصغرى، وأمن أهلها وأحسن إليهم فدفعوا له ثلاثين ألفاً من عملتهم الذهبية، وأسلم حاكمها (أفرينوس)، فمنحه عثمان لقب " بك "، وأصبح من القادة العثمانيين البارزين. وتوفي عثمان عام 726، وقد عهد لابنه أورخان بالحكم بعده.

أهم الصفات القيادية في عثمانعندما نتأمل في سيرة عثمان الأول تبرز لنا بعض الصفات المتأصلة في شخصيته كقائد عسكري، ورجل سياسي، ومن أهم هذه الصفات:
1. الشجاعة: وقد اتضحت جليا عندما تنادى أمراء النصارى في بورصة ومادانوس وأدره نوس وكته وكستله البيزنطيون في عام 700هـ/1301م لتشكيل حلف صليبي لمحاربة عثمان بن أرطغرل مؤسس الدولة العثمانية واستجابت النصارى لهذا النداء وتحالفوا للقضاء على الدولة الناشئة تقدم عثمان بجنوده وخاض الحروب بنفسه وشتت الجيوش الصليبية وظهرت منه بسالة وشجاعة أصبحت مضرب المثل عند العثمانيين.
2- الحكمة: لقد رأى من الحكمة أن يقف مع السلطان علاء الدين ضد النصارى، وساعده في افتتاح جملة من مدن منيعة، وعدة قلاع حصينة، ولذلك نال رتبة الإمارة من السلطان السلجوقي علاء الدين. وسمح له سك العملة باسمه، مع الدعاء له في خطبة الجمعة في المناطق التي تحته.

3- الإخلاص: عندما لمس سكان الأرضي القريبة من إمارة عثمان إخلاصه للدين تحركوا لمساندته والوقوف معه لتوطيد دعائم دولة إسلامية تقف سداً منيعاً أمام الدولة المعادية للإسلام والمسلمين.
4- الصبر: وظهرت هذه الصفة في شخصيته عندما شرع في فتح الحصون والبلدان، ففتح في سنة 707هـ حصن كته، وحصن لفكة، وحصن آق حصار، وحصن قوج حصار. وفي سنة 712هـ فتح صحن كبوه وحصن يكيجه طرا قلوا، وحصن تكرر بيكاري وغيرها، وقد توج فتوحاته هذه بفتح مدينة بروسة في عام 717هـ، وذلك بعد حصار صعب وشديد دام عدة سنوات، كان من أصعب ما واجهه عثمان في فتوحاته.

5- الجاذبية الإيمانية: وتظهر هذه الصفة عندما احتك به اقرينوس قائد بروسه واعتنق الإسلام أعطاه السلطان عثمان لقب (بك) وأصبح من قادة الدولة العثمانية البارزين فيما بعد، وقد تأثر كثير من القادة البيزنطيين بشخصية عثمان ومنهجه الذي سار عليه حتى امتلأت صفوف العثمانيين منهم، بل إن كثيراً من الجماعات الإسلامية انخرطت تحت لواء الدولة العثمانية كجماعة (غزياروم) أي غزاة الروم، وهي جماعة إسلامية كانت ترابط على حدود الروم وتصد هجماتهم عن المسلمين منذ العصر العباسي، وجماعة (الإخيان) (أي الإخوان) وهم جماعة من أهل الخير يعينون المسلمين ويستضيفونهم ويصاحبون جيوشهم لخدمة الغزاة ويتولون إقامة المساجد والتكايا والفنادق، وجماعة (حاجيات روم) أي حجاج أرض الروم، وكانت جماعة على فقه بالإسلام ومعرفة دقيقة لتشريعاته، وكان هدفها معاونة المسلمين عموماً والمجاهدين خصوصاً وغير ذلك من الجماعات.

6- عدله: تروى معظم المراجع التركية التي أرخت للعثمانيين أن أرطغرل عهد لابنه عثمان مؤسس الدول العثمانية بولاية القضاء في مدينة قره جه حصار بعد الاستيلاء عليها من البيزنطيين في عام 684هـ، وأن عثمان حكم لبيزنطي نصراني ضد مسلم تركي، فاستغرب البيزنطي وسأل عثمان: كيف تحكم لصالحي وأنا على غير دينك، فأجابه عثمان: بل كيف لا أحكم لصالحك، والله الذي نعبده، يقول لنا: ((إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)) فاهتدى الرجل وقومه إلى الإسلام. لقد استخدم عثمان العدل مع رعيته وفي البلاد التي فتحها، فلم يعامل القوم المغلوبين بالظلم أو الجوار أو التعسف أو التجبر، أو الطغيان، أو البطش.

7- الوفاء: كان شديد الاهتمام بالوفاء بالعهود، فعندما اشترط أمير قلعة اولوباد البيزنطية حين استسلم للجيش العثماني، أن لا يمر من فوق الجسر أي عثماني مسلم إلى داخل القلعة التزم بذلك وكذلك من جاء بعده.

8- التجرد: فلم تكن أعماله وفتوحاته من أجل مصالح اقتصادية أو عسكرية أو غير ذلك، بل كان فرصة تبليغ دعوة الله ونشر دينه ولذلك وصفه المؤرخ أحمد رفيق بأنه (كان عثمان متديناً للغاية، وكان يعلم أن نشر الإسلام وتعميمه واجب مقدس وكان مالكاً لفكر سياسي واسع متين، ولم يؤسس عثمان دولته حباً في السلطة وإنما حباً في نشر الإسلام). ويقول مصر أوغلو: " لقد كان عثمان بن أرطغرل يؤمن إيماناً عميقاًً بأن وظيفته الوحيدة في الحياة هي الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، وقد كان مندفعاً بكل حواسه وقواه نحو تحقيق هذا الهدف.

لقد كانت شخصية عثمان متزنة وخلابة بسبب إيمانه العظيم بالله واليوم الآخر، ولذلك لم تطغ قوته على عدالته، ولا سلطانه على رحمته، ولا غناه على تواضعه، وأصبح مستحقاً لتأييد الله وعونه، ولذلك أكرمه الله بالأخذ بأسباب التمكين والغلبة، فجعل له مكنة وقدرة على التصرف في آسيا الصغرى من حيث التدبير والرأي وكثرة الجنود والهيبة والوقار، لقد كانت رعاية الله له عظيمة ولذلك فتح له باب التوفيق وحقق ما تطلع إليه من أهداف وغاية سامية.

الدستور الذي سار عليه العثمانيون:كانت حياة الأمير عثمان جهاداً ودعوة في سبيل الله، وكان علماء الدين يحيطون بالأمير ويشرفون على التخطيط الإداري والتنفيذ الشرعي في الإمارة، ولقد حفظ لنا التاريخ وصية عثمان لابنه أورخان وهو على فراش الموت وكانت تلك الوصية فيها دلالة حضارية ومنهجية شرعية سارت عليها الدولة العثمانية فيما بعد، يقول عثمان في وصيته: (يا بني: إياك أن تشتغل بشيء لم يأمر به الله رب العالمين، وإذا واجهتك في الحكم معضلة فاتخذ من مشورة علماء الدين موئلاً.. يا بني: أحط من أطاعك بالإعزاز، وأنعم على الجنود، ولا يغرك الشيطان بجندك وبمالك، وإياك أن تبتعد عن أهل الشريعة.. يا بني: إنك تعلم أن غايتنا هي إرضاء الله رب العالمين، وأن بالجهاد يعم نور ديننا كل الآفاق، فتحدث مرضاة الله جل جلاله.. يا بنى: لسنا من هؤلاء الذين يقيمون الحروب لشهوة الحكم أو سيطرة أفراد، فنحن بالإسلام نحيا ونموت، وهذا يا ولدي ما أنت له أهل).

وفي كتاب (التاريخ السياسي للدولة العلية العثمانية) تجد رواية أخرى للوصية (اعلم يا بني، أن نشر الإسلام، وهداية الناس إليه، وحماية أعراض المسلمين وأموالهم، أمانة في عنقك سيسألك الله عز وجل عنها).

وفي كتاب (مأساة بني عثمان) نجد عبارات أخرى من وصية عثمان لابنه أورخان تقول: (يا بني، إنني انتقل إلى جوار ربي، وأنا فخور بك بأنك ستكون عادلاً في الرعية، مجاهداً في سبيل الله، لنشر دين الإسلام.. يا بني، أوصيك بعلماء الأمة، أدم رعايتهم، وأكثر من تبجيلهم، وانزل على مشورتهم، فانهم لا يأمرون إلا بخير.. يا بني، إياك أن تفعل أمراً لا يرضى الله عز وجل، وإذا صعب عليك أمر فاسأل علماء الشريعة، فانهم سيدلونك على الخير.. واعلم يا بني أن طريقنا الوحيد في هذه الدنيا هو طريق الله، وأن مقصدنا الوحيد هو نشر دين الله، وأننا لسنا طلاب جاه ولا دنيا).

وفي (التاريخ العثماني المصور) عبارات أخرى من وصية عثمان تقول: (وصيتي لأبنائي وأصدقائي، أديموا علو الدين الإسلامي الجليل بإدامة الجهاد في سبيل الله. أمسكوا راية الإسلام الشريفة في الأعلى بأكمل جهاد. اخدموا الإسلام دائما، لأن الله عز وجل قد وظف عبداً ضعيفاً مثلي لفتح البلدان، اذهبوا بكلمة التوحيد إلى أقصى البلدان بجهادكم في سبيل الله ومن انحرف من سلالتي عن الحق والعدل حرم من شفاعة الرسول الأعظم يوم المحشر. يا بني: ليس في الدنيا أحد لا يخضع رقبته للموت، وقد اقترب أجلي بأمر الله جل جلاله أسلمك هذه الدولة وأستودعك المولى عز وجل، اعدل في جميع شؤونك...).

لقد كانت هذه الوصية منهجاً سار عليه العثمانيون، فاهتموا بالعلم وبالمؤسسات العلمية، وبالجيش والمؤسسات العسكرية، وبالعلماء واحترامهم، وبالإمارة وبالحضارة، وبالجهاد الذي أوصل فتوحاً إلى أقصى مكان وصلت إليه راية جيش مسلم.
- الخلافة العثمانية للشيخ على محمد الصلابي

أسوء يوم مر على الإسلام بعد وفاة النبي - ذكرى سقوط الخلافة الإسلامية

ضَـجَّـتْ علـيـكِ مآذنٌ ومـنابرٌ              وبَـكتْ عليـكِ ممالـكٌ ونـَـــواحِ
الهـندُ والهـةٌ ومصــرُ حـزينة ٌ              تـَبْـكي عليـكِ بمَدمَـعٍ سَحّــــاحِ
والشّامُ تسْألُ والعِراقُ وفَارسٌ              أَمَحَا من الأرضِ الخلافةَ ماحِ؟
بمثل تلك الأبيات خرجت حروف أبيات أحمد شوقي تبكي صرح الخلافة الذي انهدم.
في يوم لم تشهد الأمة بعد وفاة رسولها صلى الله عليه وسلم يومًا مثله.
ففي السابع والعشرين من شهر رجب لسنة 1342 هـ، الموافق للثالث من مارس لسنة 1924م، وقعت أكبر جريمة في حق المسلمين، حيث تمكنت الدول الأوروبية بقيادة بريطانيا بواسطة عميلها "مصطفى كمال أتاتوك" من إلغاء دولة الخلافة العثمانية الإسلامية، ولم تخرج الجيوش البريطانية المحتلة لمضيق البوسفور وإستانبول العاصمة إلا بعد أن اطمأنت من إسقاط دولة الخلافة، وإقامة الجُـمهورية العلمانية على أنقاضها، وإخراج الخليفة من البلاد.
ـ وبسقوطها سقطت مفاهيم الدولة المبنية على المبادئ والقيم الرفيعة والأخلاقيات، وحلَّت محلها المفاهيم المبنية على المصالح والأهواء والماديات.
ـ سقطت دولة الخلافة وبسقوطها سقطت آخر دولة خلافة للمسلمين، لم يتبق للأمة الإسلامية منذ ذلك التاريخ دولة حقيقية تمثلهم، ولم يعودوا يحيون في جماعة إسلامية يقودها خليفة مبايع شرعًا على العمل بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ـ سقطت دولة الخلافة وبسقوطها سقط ظل دار الإسلام من على الأرض، الذي كان يظل كل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
مقدمة لابد منها
الدولة العثمانية 699 ـ 1343 هـ: العثمانيون من الشعب التركي، وأصلهم من بلاد التركستان، نزحوا أمام اكتساح جنكيز خان لدولة خوارزم الإسلامية، بزعامة سليمان الذي غرق أثناء عبوره نهر الفرات سنة 628 هـ فتزعم القبيلة ابنه أرطغرل الذي ساعد علاء الدين السلجوقي في حرب البيزنطيين فأقطعه وقبيلته قطعة من الأرض في محاذاة بلاد الروم غربي دولة سلاجقة الروم. وهذه الحادثة حادثة جليلة تدل على ما في أخلاقهم من الشهامة والبطولة. ويعتبر عثمان بن أرطغرل هو المؤسس الأول للدولة العثمانية، وبه سميت، عندما استقل بإمارته سنة 699 هـ وأخذت هذه الإمارة على عاتقها حماية العالم الإسلامي، وتولت قيادة الجهاد، وأصبحت المتنفس الوحيد للجهاد، فجاءها كل راغب فيه.
وفي عام 923 هـ انتقلت الخلافة الشرعية لسليم الأول بعد تنازل المتوكل على الله آخر خليفة عباسي في القاهرة… وبهذه العاطفة الإسلامية المتأججة في نفوسهم ممتزجة بالروح العسكرية المتأصلة في كيانهم، حملوا راية الإسلام، وأقاموا أكبر دولة إسلامية عرفها التاريخ في قرونه المتأخرة… وبقيت الحارس الأمين للعالم الإسلامي أربعة قرون، وأطلقوا على دولتهم اسم (بلاد الإسلام) وعلى حاكمها اسم (سلطان) وكان أعز ألقابه إليه (الغازي) أي: المجاهد.
وحكموا بالعدل وعملوا بالشرع الإسلامي في القرون الثلاثة الأولى لتكوين هذه الدولة… ووسعوا رقعة بلاد الإسلام شرقاً وغرباً واندحرت الأطماع الصليبية أمامهم وحقق الله على أيديهم هزيمة قادة الكفر والتآمر على بلاد المسلمين وارتجفت أوروبا خوفاً وفزعاً من بعض قادتهم أولئك الذين كانت الروح الإسلامية عندهم عالية.. وكانت روح الانضباط التي يتحلى بها الجندي عاملاً من عوامل انتصاراتهم وهي التي شجعت محمد الثاني على القيام بفتوحاته.
وكانت غيرتهم على الإسلام شديدة وكثر حماسهم له، لقد بدءوا حياتهم الإسلامية بروح طيبة وساعدتهم الحيوية التي لا تنضب؛ إذ إنهم شعب شاب جديد لم تفتنه مباهج الحياة المادية والثراء، ولم ينغمس في مفاسد الحضارات المضمحلة التي كانت سائدة في البلاد التي فتحوها، ولكنهم استفادوا منها فأخذوا ما أفادهم، وكانت عندهم القدرة على التحكم والفتح والانتصار وقد أتقنوا نظام الحكم وخاصة في عصر الفاتح، إذ كان هناك نظام وضع لاختيار المرشحين لتولي أمور الدولة بالانتقاء والاختيار والتدريب والثقافة، كما كانوا يشددون في اختيار من تؤهله صفاته العقلية والحسية ومواهبه الأخرى المناسبة لشغل الوظائف، وكان السلطان رأس الحكم ومركزه وقوته الدافعة وأداة توحيده وتسييره، وهو الذي يصدر الأوامر المهمة والتي لها صبغة دينية، وكان يحرص على كسب رضاء الله وعلى احترام الشرع الإسلامي المطهر.
فكان العثمانيون يحبون سلاطينهم مخلصين لهم متعلقين بهم فلم يفكروا لمدة سبعة قرون في تحويل السلطة من آل عثمان إلى غيرهم. ولكن الأمور لم تستمر على المنهج نفسه والأسلوب الذي اتبعوه منذ بزوغ نجمهم في صفحات التاريخ المضيء فقد بدأ الوهن والضعف يزحف إلى كيانهم.

لماذا الحديث عن هذه الذكرى
لم تكن ذكرى سقوط الخلافة في يوم من الأيام ذكرى دينية بالمعنى الشرعي، وإن كانت تتعلق بأعظم واجبات الدين ألا وهو وجوب إقامة الدولة الإسلامية لتطبيق الشرع، ولا هي ذكرى احتفالية يرجى من ورائها أن نتجرع كأس الألم والحسرة. لكنها ذكرى أردت من الحديث عنها.
أولاً: إشاعتها بين السواد الأعظم من المسلمين. وتعريف المسلمين بأهمية هذا الواجب الذي وصفه القلقشندي: بـ "حظيرة الإسلام، ومحيط دائرته، ومربع رعاياه، ومرتع سائمته، والتي بها يحفظ الدين ويُحمى، وبها تُصان بيضة الإسلام، وتسكن الدهماء، وتقام الحدود فتمنع المحارم عن الانتهاك، وتُحفظ الفروج فَتُصان الأنساب عن الاختلاط، وتُحصن الثغور فلا تطرق، ويُذاد عن الحُرَمِ فلا تُقرع". تلك المعاني التي افتُقدت فعلاً هذه الأيام واختفت بسقوط دولة الخلافة.
ثانيًا: إثارة نوازع الوحدة بين الشعوب المسلمة مع اختلاف مشاربها وأقطارها، ومع اختلاف أحزابها وتجمعاتها.
ثالثًا: تحريك الغافلين من أجل العمل لهذا الدين، واستعادة مجده.
رابعًا: ربط الأجيال الجديدة بماضيها التليد، وأن الحديث عن مجد هذه الأمة لا يرتبط فقط بعصر الصحابة وما تبعه. بل لنا في العصر الحديث أيضًا ماض يفتخر به.
خامسًا: إثارة الغبار عن تاريخ نُسي أو نُسِّي، ودعوة لنشر هذا التاريخ وتدريسه للتلاميذ في المدارس، و طلبة العلم في المساجد، وهو تاريخ السلاطين العثمانيين الذين أقاموا دولة عاشت أكثر من ستة قرون، وامتدت رقعتها الجغرافية إلى آسيا وأوروبا وإفريقيا، وكانت جيوشها أكثر جيوش العالم عددًا وأحسنها تدريبًا وتسليحًا وتنظيمًا، فقد عبرت جيوش هذه الدولة الفتية البحر من الأناضول إلى جنوبي شرق ووسط أوروبا، وفتحت بلاد اليونان، وبلغاريا، ورومانيا، ويوغسلافيا، والمجر، ورودس، وكريت، وقبرص، وألبانيا حتى بلغت مشارف فيينا ـ عاصمة النمسا ـ وجنوبي إيطاليا؛ فكانت أول دولة إسلامية تصل إلى هذا العمق في الأرض الأوروبية.
سادسًا: توعية المسلمين بطبيعة المرحلة، ومحاولة تسليحهم بالثقافة الإسلامية، والفقه السياسي المتشبع بالنظرة الشرعية للأمور، لا ترهات الديمقراطية، والحرية...
سابعًا: الاستفادة من الماضي، واستهلام السنن الإلهية في النصر والتمكين، واستخلاص الدروس والعبر مما قد يفيد في استشراف المستقبل بالتخطيط المتزن، تحقيقًا لوعد الله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.
الدروس والعبر
1ـ إن التمكين في الأرض لأي طائفة كانت أو فئة إنما هو هبة من الله تعالى ونعمة، وضع الله له شروطًا ومقدمات لا يقوم إلا بها، فإذا استوفت أمة من الأمم الشروط والمقدمات، استحقت التمكين والغلبة والظهور، ويظل بقاؤها واستمرارها على هذا التمكين مرهونًا بهذه الأسباب ذاتها، فإذا فقدت شيئًا منها، أو أخلت بها فقدت عوامل البقاء، وانحدرت إلى هاوية الذل والهوان والضعف. وهذا ما حدث مع بني عثمان، فلما دب فيهم الضعف والهوان والبعد عن منهج الله وصار الظلم والبذخ عادة سلاطينهم نزع الله ما في أيديهم.
2ـ التخطيط والتدبير: فقد قابل المسلمون سقوط الخلافة بردات فعل عاطفية، في حين دبر الأعداء وخطط لإسقاطها عشرات السنين حتى تمكنوا منها.
3ـ تفسير الأمور و الأحداث التي تطال الأمة، تفسيرًا شرعيًا بعيدًا عن خزعبلات العلمانيين والمتشدقين؛ فالحروب والوقائع والأحداث التي تمر بالأمة، كلها صور من صور الصراع بين الحق والباطل، بين الإسلام والكفر، بين الهدى والضلال، وقراءة التاريخ تريك ذلك رأي العين.
4ـ أن قوة المسلمين في توحدهم وتماسكهم، ولذلك سعت الدول الأوروبية وحرصت على تفكيك وحدة المسلمين.
5 ـ أن الخلافة هي الإطار السياسي الشامل الذي يجمع كلمة المسلمين ويوحدهم ويضمن لهم القوة والتماسك ويعمل على إقامة الدنيا، وحراسة الدين.
6ـ الاهتمام بالتربية، والإعداد الإيماني قبل الخوض في مقارعة الباطل، ذلك أن الاهتمام بالجانب المادي وحده قد يؤدي إلى نصر سريع لكنه يحتاج بعد ذلك إلى نوع آخر من الإعداد يستطيع الوقوف أمام المغريات، ولا يتأتى هذا إلا بتربية عميقة.
7ـ صفاء المعتقد، والتصورات وفق مذهب أهل السنة والجماعة، والأخذ على يد المبتدعة والفرق الضالة، فلقد اكتفى العثمانيون بالإسلام بمفهومه العام وغطوا الطرف عن الفرق الباطنية التي كان لها أكبر الأثر في سقوط الخلافة في النهاية.
8 ـ العزة والنصر والسؤدد كلها في الإسلام، وهذا من أعظم الدروس المستفادة من سقوط الخلافة.
فبعد أكثر من ثماني قرون قطعت تركيا صلتها بالعالم الإسلامي، وألغت الخلافة الإسلامية، واختارت لها دستورًا مدنيًا بدلاً من الدستور العثماني المستمدة أحكامه من الشريعة الإسلامية، وألغت وزارتي الأوقاف والمحاكم الشرعية، وحوّلت المدارس الدينية إلى مدنية، وأعلنت أنها دولة علمانية، وأغلقت كثيرًا من المساجد.، وصدر قانون يحكم بالإعدام على من يتآمر لعودة الخلافة.

وها هو "أتاتورك" ـ أول رئيس تركي ومن ألغيت على يده الخلافة ـ يجوب تركيا لابسًا القبعة الإفرنجية، وشرع قانونًا لنزع حجاب المرأة المسلمة، وكان نزع الحجاب يتم بالإرهاب والإهانة في الطرقات، فكانت الشرطة إذا رأت امرأة متحجبة تقوم بنزع حجابها فورًا وبالقوة.
وألغى التعامل باللغة العربية، وألغى العيدين، وجعل عطلة الأسبوع يوم الأحد، وعطلت الصلوات بمسجد أيا صوفيا، وأُسكت المؤذنون، وتحول المسجد إلى متحف وبيت أوثان، حتى الآيات التي كانت على جدرانه أمر بطمسها.
في سنة 1926م ألغى الزواج الشرعي، وجعله مدنياً فقط، وأصدر قانوناً يمنع تعدد الزوجات، واستبدل التقويم الهجري بالتقويم الميلادي.
ولكن رغم كل هذا ـ والذي يحلم كثير من علمانيينا بتحقيق نصفه ويعدونا بالتقدم إن سرنا على نهجهم ـ ها هي تركيا (العلمانية) ما زالت حتى يومنا هذا غير مرغوب فيها أوروبيًا، وترزح تحت نير الفقر والضعف ولم تلحق بركب التقدم، ففقدت الدولة مجدها القديم ولم تستطع تحقيق مجد جديد.
فحريٌّ بالمسلمين جميعًا على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم وأحزابهم، أن يقفوا عند هذه الذكرى، ويتأملوا فيها، لتصبح عودة الخلافة مطلبًا جماهيريًا، ولتكن الصحوة الإسلامية أول من يطالب بعودتها، ثم يشارك كل فرد ولو بنصيب قليل في هذا الفضل العظيم، لإبراء ذمته أمام الله.

Sunday, March 2, 2014

تعرف على احوال المسلمين فى القرم




ماذا تعرف عن القرم؟؟

"القرم" شبه جزيرة تابعة لجمهورية أوكرانيا وتعني كلمة القرم (القلعة) بلغة التتار وهم قبائل من الترك سكنوا المنطقة قرونا. وقد خضعت القرم لحكم الخلافة العثمانية ودخلها الإسلام وانتشر فيها سريعا منذ بداية القرن السادس عشر وصارت ولاية إسلامية تابعة لها عاصمتها "بخش السرايا". حكمها المسلمون قروناً حتى جاء الشيوعيون الروس وأهلكوا العباد والبلاد.

تتمتع القرم بموقع استراتيجي مهم وفيها ثروات طبيعية (بترول، غاز، فحم، معادن…) وثروات زراعية وأفضل المشافي العلاجية!!

كانت موسكو تدفع (الجزية) للمسلمين الذين يحكمون شبه جزيرة القرم، وذلك لعدة قرون حتى ضعفت الخلافة الإسلامية (العثمانية) في الربع الأخير من القرن الثامن عشر الميلادي. بعدها نجح الروس في الاستيلاء على شبه جزيرة القرم ولا تسأل عن ما فعلوه من ذبح وتدمير! عندما دخل الروس القرم مارسوا أبشع أنواع القتل والتعذيب في المسلمين وقتلوا ٣٥٠ ألفاً في عام واحد. وهرب أكثر من مليون!!

مارست روسيا شتى أنواع القهر والتعذيب ضد المسلمين في القرم وصادرت الأراضي وحولت المساجد وكان الناس يفتنون في دينهم!! ف

ي بدايات القرن العشرين عاد الكثير من المسلمين وحاولوا استرجاع قوتهم وأعلنوا عن حكومة لهم لكن الشيوعيين قتلوهم شر قتلة.

أراد (ستالين) إنشاء كيان يهودي في القرم عام 1928 فثار المسلمون بقيادة أئمة المساجد والمثقفين فأعدم 3500 منهم!!

تناقص عدد المسلمين (التتار) من عدة ملايين عام 1883 إلى 850 ألفاً عام 1941 !

في الحرب العالمية الثانية اتهم (ستالين) المسلمين في القرم بتعاونهم مع الألمان بالرغم من تجنيد الكثير من أبنائهم قسراً! تم إعدام الكثير من المسلمين في القرم بعد الحرب العالمية الثانية وتم تهجير مئات الألوف ممن تبقى منهم، وصاروا أقلية فيها. عدد سكانها اليوم يقارب 2.5 مليون نسمة وعدد المسلمين فيها بين 400 إلى 500 ألف فقط وذلك بسبب ما لحقهم من تهجير وقتل!! المسلمون فيها اليوم أقلية مستضعفون فقراء لا حيلة لهم!!

يتصارع عليها اليوم الروس والأمريكان وذلك لأهميتها الاستراتيجية والاقتصادية…


والقرم جزءٌ لا يتجزَّأ من أرض الإسلام، فهي أرض التتار المسلمين الذين بذلوا كل  ما في وسعهم للدفاع عن الإسلام ونشره والتعريف به وبتعاليمه السمحة، وبرز منهم قادة وعلماء أثرَوا تاريخنا الإسلامي.
يذكر التاريخ أنه في عام ذكرى تتويج كاترين الثانية – قيصر الروس المتعصبة  لـ”المسيحية” – قام الروس بغزو شبه جزيرة القرم في سنة 1198هـ – 1783م،  وقامت القوات الروسية باحتلال القرم بحجة حماية شاهين حاكم القرم وإعادته إلى عرشه، وهكذا فقدت دولة تتار القرم حريتها وسقطت بهذا قلعة من قلاع   الإسلام بسبب كيد ومكر الصليبيين والملاحدة. ترى ماذا حدث بعد ذلك لتتار  القرم؟ وماذا كان موقفهم تجاه الروس؟ هذا ما سنبحث فيه ونستعرضه في هذا  الموضوع .
معاناة مسلمي القرم على مر التاريخ
161033عانى مسلمو القرم ظلمًا وسياسية عنصرية منذ أيام روسيا القيصرية فالشيوعية،  ومورست بحقهم أبشع سياسات التهجير القسري والتجويع والمجازر الدامية، إضافة  إلى هدم وتدمير كل ممتلكاتهم وتراثهم الثقافي والديني والحضاري ولاسيما في العهد الشيوعي. وفي العهد القيصري حُرِموا من جميع حقوقهم وكثيرًا من  طُبِّقت بحقهم عقوبات السجن والتهجير والنفي والقتل.
أما العهد الشيوعي فهو الأشد شراسة ودموية بحقهم ولاسيما عهد ستالين “السفاح”، إذ اتهمتهم السلطات الشيوعية بإثارة النعرات العرقية أو رفع شعارات معادية للدولة السوفييتية أو طرد رموزهم من وظائفهم ومعاهدهم الدراسية، وكثيرًا  ما صدرت بحقهم عقوبة السجن في معسكرات العمل سنوات عديدة تراوحت ما بين خمس إلى سبع سنوات في أحسن الأحوال.
unian_348468
عهد لينين حَفَل بحملات تهجيرهم وعمليات قتل متعمد ما عدا المجاعات المنظمة  والمقصودة التي راح ضحيتها الآلاف، أما عهد ستالين فكان الأقسى والأكثر  دموية، إذ نفذ عدة حملات تطهير عرقي بحقهم إضافة لحملات التهجير القسري  والمجاعة المنظمة وما نتج عنها من هلاك كثيرين، وزاد ذلك اتهامه لهم  بالخيانة ونصرة الألمان خلال الحرب العالمية الثانية، وما أنزله بحقهم من عقوبات شملت الإبادة والتهجير.
في عام 1928 م أقدم ستالين على حملات تطهير وإبادة جماعية، ونفذ أحكام إعدام  بحق أعداد كبيرة من رجال الدين القرميين، فأغلق المساجد والمدارس الدينية  وحوَّل كثيرًا منها إلى نوادٍ رياضية ومآوٍ للخيول وهدم عددًا آخر من المساجد، حتى لم يبقَ من أصل 1558 مسجدًا سوى القليل جدًّا، ودمر جيشه الأخضر واليابس في البلاد، حسبما ذكر اتحاد الجمعيات الاجتماعية العاملة في
أوكرانيا، إضافة إلى المجازر الشهيرة التي ارتكبها جيش الشيوعيين بأمر منه، وتم ذكرها سابقًا.
وفي عام 1946م أصدر مجلس السوفييت الأعلى قرارًا بإلغاء جمهورية القرم ذات الاستقلال الذاتي وإلحاقها بأوكرانيا، نظرًا
لـ”خيانة شعب القرم لدولة اتحاد الجمهوريات السوفييتية الاشتراكية”، حسبما  ورد في القرار.
ولعل عهد خروشوف الأوكراني الأصل كان الأقل ظلمًا واضطهادًا من سابقيه، فقد  تحدث في خطاب له عام 1956م عن “جرائم” تهجير الشعوب التي قام بها سلفه ستالين، وقال: إن تهمة تواطؤ التتار مع الألمان كانت تهمة خاطئة، كما قام في العام ذاته بضم القرم إلى أوكرانيا، لكن رغم ما بدا للبعض من أن خروشوف أعاد لهم كثيرًا من حقوقهم إلا أن الحقوق الأكثر والأهم لم يُعِدها لهم وهي
استرداد أملاكهم وأراضيهم التي أُخِذَت منهم بالقوة وهُجِّروا عنها قسرًا.
ففي عام 1967 م صدر قرار بتبرئة التتار مما نُسِب إليهم زمن ستالين من تعاون  مع السلطات النازية وخيانة الوطن، حيث أصدر مجلس السوفييت الأعلى قرارًا  يُلغي فيه قراره الصادر عام 1946 بشأن خيانة تتار القرم وإلغاء جمهوريتهم، ورغم قرار التبرئة وإعلانه رسميًّا إلا أن السلطات الشيوعية لم تسمح لهم  العودة إلى وطنهم شبه جزيرة القرم، واتُخِذَت إجراءات صارمة لضمان عدم
عودتهم إلى جزيرتهم في الفترة التي أعقبت صدور هذا القرار، وتم طرد كل من تم اكتشاف أمره داخل الجزيرة، كما تم تحذير المستوطنين الجدد من العقوبات المترتبة على كل من يبيع أو يؤجر بيته لهم، وكانت عقوبات صارمة، وعدت كل عقد من هذا القبيل لاغيًا مع فرض غرامات مالية على صاحبه.
ونتيجة لذلك  لم يبقَ من مجموع من وصلوا الجزيرة حتى نهاية عام 1967، البالغ عددهم سبعة آلاف آنذاك، سوى ثلاثة رجال وعائلتين، وازدادت الإجراءات الصارمة التي اتخذتها السلطات لمنعهم من العودة واتسعت لتشمل المناطق المحيطة بالجزيرة  بعد اكتشافها تمركز عديد من العائلات التترية في المناطق المحيطة بالجزيرة  نظرًا لمنعهم من دخولها والسكن فيها، فمنعت السلطات الروسية مجددًا التمركز
والوجود حتى في تلك المناطق الخارجية المحيطة بالجزيرة وذلك في عام 1972.
حقوق شكلية مستردة
رغم أن قرار مجلس السوفييت الأعلى في سنة 1967م أصدر قرارًا يعطي تتارالقرم حق السكن في أي مكان في الاتحاد السوفييتي إلا أن هذا كان مجرد قرار. أما  الواقع فكان يقول: إن من حق التتار السكن في أي مكان في الاتحاد السوفييتي  ما عدا القرم؛ فقد كانت أراضيه محرمة عليهم، وحتى بعد أن بدأت تهب رياح  الحرية والديمقراطية عادت إلى القرم مئات الأسر، ولكنهم في القرم فوجئوا  بالرفض لعودتهم ومنعهم من السكن والحصول على قطع سكنية وطردهم مرة أخرى من وطنهم بحجج واهية مثل عدم الإقامة والتسجيل، وعدم قانونية البيع والشراء في مجال الأراضي.
بهذه   الأسباب تم طرد أكثر من عشرة آلاف منهم. وصاحب حالات الطرد الأخيرة مآسٍ  كثيرة بعد أن فقدوا كل شيء في حياتهم من أجل الوصول إلى وطنهم القرم؛ ولكن  عندما وُوجِهوا بالرفض لرجوعهم دخل بعضهم وآخرون قاموا بالانتحار وحرق  أنفسهم في مناطق عامة احتجاجًا على سياسات الدولة ضدهم. وبالتالي بقيت حالة التمييز التي يعاني منها تتار القرم في أماكن سكنهم الجديدة قائمة.
لكن  في عام 1989م زمن جورباتشوف، آخر زعماء الاتحاد السوفييتي، الذي تبنى  برنامجًا إصلاحيًّا منذ وصوله للسلطة في عام 1985م، بدأ المسلمون التتار  رحلة العودة لبلادهم “شبه جزيرة القرم” التي أصبحت جزءًا من أوكرانيا لكن عودتهم كانت بلا حقوق، فكان عدد الذين وصلوا منهم 300 ألف شخص فقط، ومات منهم الألوف بسبب الجوع والظروف السيئة التي عانوا منها لدى عودتهم تلك.
الاسلام في القرم
مسلمو القرم يصلون
مسلمو القرم أثناء تأديتهم فريضة الصلاة
يعتبر الإسلام الديانة الثانية بعد “المسيحية”، ومع ذلك ركزت السلطات الحاكمة في المقام الأول وبشدة على إبعاد المسلمين عن دينهم وطنهم، وثانيًا على طمس معالم الحضارة الإسلامية وإزالة كل شيء له علاقة بالإسلام من أرض القرم.
ففي الفترة ما بين عام 1989 م -1992م توالت دفعات التتار العائدين إلى القرم، لتصل سنويًّا إلى قرابة أربعين ألف تتاري مسلم، بينما عاد في 1997 م نحو 3500 شخص، وفي عام 2002 م نحو ألفي شخص.
هذا وتقول الأرقام: إن تتار القرم كانوا يشكلون عام 1770م نسبة 93% من سكان  القرم والبقية أرمن ويونان ولم يكن هنالك روس آنذاك، وسرعان ما تراجعت نسبة التتار إلى 25.9% في عام 1921م، فيما الروس والأوكران معًا شكلوا نسبة
51.5%، والبقية يهود وألمان، ومع حلول عام 1959م لم يُسجَّل أي وجود للمسلمين التتار في القرم أبدًا، في حين أصبحت نسبة الروس الذين يسكنون  القرم 71%، والأوكران 22%، والبقية من اليهود وقوميات أخرى.
لكن الأمر بدأ بالتغير عندما سُمِحَ لهم بالعودة إلى أراضيهم تدريجيًّا، ثم  تعقدت الأمور مرة أخرى، وهم اليوم يشكلون 20% فقط من سكان القرم، بينما بقية التتاريين مايزالون في محاولات مستمرة للعودة من شتى أماكن وجودهم  التي أجبروا على العيش فيها، في مناطق مختلفة من روسيا وأوزباكستان  وأوكرانيا نفسها وغيرها.
وتم مؤخرًا إدراج مسلمي القرم التتار في قائمة الأمم المتحدة للشعوب،  باعتبارهم من الأمم المهددة بالانقراض، وهو ما أرجعه موقع شباب القرم بحسب  مقال حول مصير مسلمي القرم للكاتب سيران أريفوف، إلى عدة أسباب حاليًا  أبرزها ما يتعرضون له من ضغوط ثقافية وزواج مختلط وفقدان للقيم والتلاعب  بمفاهيم الدين والتقاليد والعرف.
استقلال أوكرانيا
أعلنت أوكرانيا استقلالها رسميًّا عن الاتحاد السوفييتي في ديسمبر من عام 1991م، وكان قبل هذا جرى في يناير 1991م استفتاء شعبي في القرم حول منح شبه  الجزيرة استقلالاً ذاتيًّا ضمن جمهورية أوكرانيا السوفيتية، وصوت لصالح ذلك 93% من سكان شبه الجزيرة، فوافقت أوكرانيا على هذا المطلب بعد استثناء  مدينة سفاستوبول من هذا الاتفاق، وهي المدينة الساحلية التي يوجد فيها أكبر
أسطول بحري لروسيا في البحر الأسود، وفق اتفاقية مع الحكومة الأوكرانية  يمتد مفعولها حتى عام 2017م، علمًا بأن السلطات الأوكرانية بعد استقلال  أوكرانيا رسميًّا أعطت شبه جزيرة القرم حكمًا ذاتيًّا ضمن أوكرانيا وذلك في يونيو 1992.
وعقد  تتار القرم مؤتمرهم الأول في مدينة سيمفروبل عاصمة الإقليم وذلك في يونيو   من العام نفسه، وأسسوا المجلس الأعلى للتتار القرم كممثل للشعب التتاري  المسلم، وتم انتخاب رئيس للمجلس، وتعاقب على حكم أوكرانيا عدة رؤساء وفي كل مرة كان تتار القرم يتلقون مزيدًا من الوعود بتحسين ظروفهم المعيشية  ومساعدتهم في استعادة حقوقهم المسلوبة وأراضيهم التي طُرِدوا منها قسرًا
أيام الحقبة الشيوعية، ولكن كل تلك الوعود لم تتعد حدود الوعد والكلام  اللفظي فقط، وحتى اللحظة مازالت السلطات الأوكرانية لا تعترف رسميًّا  بالتهجير الذي تعرض له تتار القرم خلال العهد الشيوعي، ربما خشيةً من عواقب هذا الاعتراف وما قد يجره في منطقة بالغة الحساسية، ولاسيما ما يترتب عليه من ضرورة دفع الدولة تعويضات مالية وعينية للمهجرين والمتضررين الذي يفوق  عددهم المليون شخص.
ولكن مع مرور كل تلك السنوات لم ييأس تتار القرم ولم ينسوا أو يتنازلوا عن  حقوقهم في وطنهم وأرضهم، ونظموا عدة تظاهرات  لمطالبة بتلك الحقوق، ففي شهر مايو من عام 1999م تظاهر أكثر من مائتي ألف مسلم في شوارع العاصمة  الأوكرانية كييف مطالبين الحكومة بتعويضات عما قامت به من قتل وهدم وتشريد  للمسلمين أيام العهد الشيوعي، وضرورة إصلاح أوضاعهم المعيشية والاقتصادية،  إضافة لتوسيع عضويتهم بالبرلمان، وقد استقبل الرئيس الأوكراني زعماء  المسلمين بعد التظاهرة ووعد بإجراء إصلاحات وتحسين ظروفهم المعيشية وتحقيق  مطالبهم. إلا أن الحكومة الأوكرانية تمادت في الإهمال بحق تتار القرم وعدم
منحها الجنسية الأوكرانية لأي عائدٍ منهم ممن لا يملك منزلاً، في الوقت  ذاته فمن يقم ببناء منزل دون ترخيص – وهو شبه مستحيل – يُهدَم منزله ويترك  دون مأوى.
وهكذا حتى ذلك عام 2007م ومسلمو القرم معظمهم لا يحملون الجنسية الأوكرانية وهي  من أكبر العقبات التي تواجههم، إذ تشترط الحكومة دفع مائة دولار للشخص  الواحد للحصول على الجنسية، الأمر الذي يبدو مستحيلاً لمحدودي الدخل ذوي  العائلات الكبيرة التي قد تصل لسبعة أفراد في العائلة الواحدة، ما عدا وجود نسبة كبيرة بينهم تعاني البطالة التي وصلت في عام 2007م إلى 40% منهم،
وانتشار الأمراض بين الأطفال بنسبة 80% منهم بسبب نقص المشافي والأدوية.
وحتى اليوم مازال كثيرٌ من مسلمي القرم يسعون للحصول على موافقة السلطات للعودة إلى جزيرتهم، إما عن طريق تقديم الطلبات للجهات السياسية أو التظاهر  والمسيرات، كالتي حدثت في العاصمة موسكو في عام 2008 م عندما تجمع 300 شخص  في الميدان الأحمر هناك واعتصموا لـ27 ساعة طلبًا لتنفيذ حقوقهم في العودة  إلى وطنهم الأصلي، لكن قوات الشرطة قامت بتفريقهم، وهي تظاهرات قليلة  الحدوث في العاصمة موسكو، وكانت الشرطة قد فرقت قبل أيام من هذه التظاهرة  خمسة آلاف شخص احتشدوا جنوبي العاصمة الأوزباكستانية للمطلب ذاته.
تحديات عالقة 
على  صعيد آخر ما زال كثير من مسلمي القرم يحمِّلون الحكومة الأوكرانية مسؤولية الأوضاع التي يعانونها من عدم مقدرة الجميع على العودة لشبه الجزيرة وعدم  قدرتهم على الاندماج في المجتمع المحلي وعدم الاعتراف بتهجيرهم، وبالتالي عدم إعطائهم حقوقهم، ولا سيما استعادة أراضيهم التي هُجِّروا منها، إضافة  إلى تنامي الدعاية المضادة لتتار القرم في عهد الحكومات الأوكرانية  الموالية لموسكو واستغلال ذلك لتشويه صورة تتار القرم المسلمين.
وفي سبيل التصدي لتلك الدعاية المستمرة في النمو والانتشار قام بعض التتاريين  بتأسيس حركة لاتخاذ إجراءات مباشرة لاستعادة ما يرونه أراضيهم في القرم،  ويترأس الحركة دانيال أميتوف، الذي قال في تقرير للجزيرة الإنجليزية في 29 أغسطس 2010م: إن هذه الحركة نوعٌ من المساعدة الذاتية لأنفسنا فلطالما تلقينا دومًا رفض السلطات لاستعادة أراضينا الشرعية في حين مُنِحت أرض
أجدادنا للروس، وخسرنا تراثنا التاريخي، لذا كان علينا أن ننظم أنفسنا.
وتعتمد هذه الحركة نظام وضع اليد على الأرض، واتباع سياسة الأمر الواقع، وهو أمر  رفضته السلطات الأوكرانية، وحذرت من ذلك الفعل مرارًا وتكرارًا وعدَّته  جريمة قد تزيد التوترات العرقية.
ويوضح التقرير الذي نشرته الجزيرة الإنجليزية على موقعها أن بعض التتار بعدما  يتم رفض طلباتهم لبناء منازل، يقومون بالاستيلاء على الأرض بوضع أكواخ  حجرية صغيرة للإشارة إلى حيازتهم الأرض، ومن ثم بناء منزل أكبر من الكوخ  الحجري على الأرض ذاتها وفق الموقع المعتمد ذاته، لكن تلك الإجراءات لاقت معارضة من قِبَل الحكومة الأوكرانية أيضًا وحذرت منها عدة مرات، كما حث
رئيس برلمان إقليم القرم على عدم تسييس قضية الأرض، وعدم تكرار أخطاء  الماضي، مؤكدًا أن إدارته تبذل ما في وسعها للمساعدة في إعادة توطين التتار رغم الصعوبات المالية.
وفي السياق ذاته، يقول أحد واضعي اليد على الأرض بهذه الطريقة ويُدعى موهتيرين يوسين، الذي بنى منزلاً لزوجته وأولاده بعد عودته من المنفى: إنه ليس لديه  خيار آخر سوى اتخاذ إجراءات مباشرة، فإذا كانت الحكومة لا تتخذ أي خطوات لمساعدتهم لإعادة بناء أنفسهم في وطنهم الأم، لذا فهم مجبرون بأنفسهم على  اتخاذ الخطوات اللازمة لإيجاد ظروف لائقة لأنفسهم، وهو أمر نظر له بعض
المحللين كنوع من تصميم التتار على إعادة تأسيس مجتمعاتهم بأنفسهم وليس  نتاج يأس من طول مدة المطالبة دون جدوى.
أما  رئيس مجلس تتار القرم ، فيتحدث عن الدعاية المضادة لتتار القرم، ويؤكد أن  الجميع يحاول تصويرهم بطريقة سلبية، ولاسيما في ظل الحكومات الموالية  لروسيا، ولفت إلى وجود بعض السياسيين الموالين لموسكو في المنطقة، الذين  يدعون علنًا لفكرة التوحد مع روسيا، وهو ما يدعمه كثيرون من الروس في  القرم، ولذا يشعر التتاريون بالقلق الشديد تجاه ذلك ويرون فيه تهديدًا  محتملاً، ولاسيما مع سماح الحكومة الأوكرانية للمشاعر الانفصالية بالنمو  حسب قوله، ورغم أنه أشار إلى إعلان الرئيس الأوكراني التزامه شخصيًّا بحل  مشكلات التتار وإدارته لقضيتهم بنفسه، إلا أنه أوضح أن التتار سمعوا وعودًا كثيرة من قبل من سياسيين دون أي يتحقق أي شيء، وها قد مضى على عودتهم من  المنفى أكثر من عشرين عامًا ومازال مسلمو القرم يعانون أيما معاناة لإثبات  هويتهم الإسلامية وحقهم المشروع في أرضهم المغتصبة.
نقلاَ عن  موقع :  : أحوال المسلمين .